29 سبتمبر 2021 12:44 م

خطاباته في مجلس الأمة رسمت سياسة الاتزان خارجيًّا وحافظت على الأمن والاستقرار الداخلي

الذكرى الأولى لوفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح

خطاباته في مجلس الأمة رسمت سياسة الاتزان خارجيًّا وحافظت على الأمن والاستقرار الداخلي

-19 نطقا ساميا شملت كلمته عقب أداء اليمين الدستورية وافتتاح 18 دور انعقاد
 
29 سبتمبر 2021 | الدستور | تحل اليوم الذكرى السنوية الأولى لوفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- الذي قاد المسيرة الكويتية، متسلحا بحكمته التي شهد لها العالم، وبالخبرات التي اكتسبها من خوض معترك الحياة السياسية، والدبلوماسية.
 
ألقى الأمير الراحل 18 نطقاً سامياً أمام النواب في مجلس الأمة، منذ توليه مقاليد الحكم في افتتاح خمسة فصول تشريعية، و18 دور انعقاد، بالإضافة إلى الخطاب السامي الأول الذي ألقاه في 29 يناير 2006 عقب تقلده مسند الإمارة.
 
تلك الخطابات جاءت بمثابة خارطة طريق سارت عليها السلطتان طوال هذه الفترة وحققت العديد من الإنجازات وطموحات المواطنين.
 
وفي السطور التالية تعد "شبكة الدستور الإخبارية" قراءة في المضامين السامية التي افتتح بها أدوار الانعقاد الثمانية عشر منذ توليه مقاليد الحكم، ساهمت في رسم ملامح وأولويات السلطتين.

واشتمل النطق السامي خلال أدوار الانعقاد على مضامين من شأنها نهضة البلاد على جميع الأصعدة سواء من جهة تنفيذ خطة التنمية وتنويع مصادر الدخل في البلاد وكذلك رسخت المضامين مبدأ التعاون بين السلطتين وفق ما أقره الدستور.

فبعد أن ألقى النطق السامي في مجلس الأمة في 29 يناير 2006، والذي أدى فيه الراحل القسم أمام المجلس أميراً للكويت، ونعى فيه أخاه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، دشن صفحة جديدة من تاريخ الكويت المعاصر.

وسار الراحل بالكويت إلى شاطئ الأمان في عالم يموج بالتطورات والمتغيرات وفي ظل ما تشهده الساحة الإقليمية من مظاهر التوتر وعدم الاستقرار.

الراحل رسخ من خلال منطوقاته السامية التي ألقاها على مدار ما يقرب من خمسة عشر عامًا، مفاهيم عدة من شأنها أن تدفع مسيرة البناء والتنمية إلى الأمام، من أهمها التعاون الإيجابي بين السلطتين وتغليب الصالح العام ونبذ التحزب والأهواء الطائفية والقبلية والفئوية الضيقة من أجل أن تبقى الكويت دائمًا هي الرابح الأول والأكبر.

مبادئ سامية، ونصائح غالية، واستحقاقات وطنية، وقضايا مهمة، وأسس واضحة، اشتمل عليها النطق السامي في افتتاح الفصول التشريعية كافة من الحادي عشر إلى الخامس عشر.
 
وشهدت تلك الحقبة 7 انتخابات تشريعية بما فيها انتخابات المجلسين المبطلين الأول والثاني، وافتتح 5 فصول تشريعية لمجلس الأمة تخللها 18 دور انعقاد، بالإضافة إلى النطق السامي الذي ألقاه الراحل في دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي العاشر بعد اليمين الدستورية، ورئيسين للفصول التشريعية في عهد الراحل و6 نواب للرئيس.
 
وأقر خلال تلك الفترة 1168 تشريعا منها 317 قانوناً و269 اتفاقية و582 قانوناً خاصاً بالميزانيات والحساب الختامي، بالإضافة إلى 1149 أمراً أميرياً ومرسوماً، فيما تشكلت 15 حكومة في عهد الراحل برئاسة 3 رؤساء حكومات، وفيما يلي التفاصيل:

الحفاظ على الوطن

منذ الكلمة السامية الأولى التي ألقاها -رحمه الله- في افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الحادي عشر لمجلس الأمة - 12 يوليو 2006، و -طيب الله ثراه- يدعو إلى الحفاظ على الكويت، مبينًا أنها الغاية الأولى وتتوالى الجهود من أجلها ليكون وطنًا حرًّا مستقلًّا عزيزًا آمنًا.

ولتأكيده أن الكويت هي الوطن وينبغي الحفاظ عليها فقد قال:" إن الكويت هي الأم، وهي المهد، وهي اللحد، هي الأرض التي نعيش عليها، ونعمل من أجلها، وندفن في ثراها، ليس لنا وجود إلا بوجودها، ولا عز إلا بعزها، هي الإرث الذي انحدر إلينا من الآباء والأجداد، والذي علينا أن نحافظ عليه، ونضحي من أجله بأرواحنا".

وأكد الأمير الراحل أن الحفاظ على الوطن، والحرص على تطوره ونمائه وازدهاره، وعلى ثرواته ومقدراته مسؤولية وطنية مشتركة تقع على عاتقتنا جميعًا وليست حكرًا على سلطة أو فرد، كما أنها ليست مجالًا للتشكيك أو المزايدة.

وقال الأمير الراحل " إن مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن العزيز، والحرص على تطوره ونمائه وازدهاره، وعلى ثرواته ومقدراته مسؤولية وطنية مشتركة تقع على عاتقنا جميعًا وهي ليست حكرًا على سلطة أو فرد، كما أنها ليست مجالًا للتشكيك أو المزايدة، والكل يعلم أن أبوابي مفتوحة ووالد الجميع لسماع ما يتم طرحه من أفكار ومقترحات، تهدف إلى تعزيز مسيرة بناء الوطن وتنميته، والحفاظ على مصلحته ".

التعاون بين السلطتين

مبدأ التعاون بين السلطتين أخذ حيزًا كبيرًا من كلماته -رحمه الله- لما له من تأثير كبير على نهضة الكويت وتأمين الحياة الكريمة لمواطنيها، وكذلك لما له من الآثار الإيجابية على استقرار البلد سياسيًّا وأمنيًّا.
 
وقد أكد -طيب الله ثراه- في أكثر من موضع أن التعاون بين السلطتين أمر حتمي.
 
وشدد -رحمه الله- على تفعيل التعاون الإيجابي بين المجلس والحكومة لترسيخ دعائم الاستقرار وتعزيز دولة المؤسسات وسيادة القانون وإطلاق مسيرة التنمية والإصلاح الشامل ومكافحة الفساد وفتح مرحلة واعدة من العمل الجاد والممارسة الفعالة في الرقابة والتشريع.

ومن أهم ما قال -طيب الله ثراه- في هذا الشأن: «لقد دأبت في خطاباتي السابقة أن أذكركم بأهمية العمل على تجسيد التعاون المأمول بين المجلس والحكومة من أجل زيادة الإنجاز وحل مشكلات المواطنين ومعالجة قضاياهم وتسهيل مصالحهم، لا سيما أن حجم التحديات التي تواجهنا، والأخطار التي تحيط بنا تجعل التعاون ضرورة ملحة وواجبًا حتميًّا واستحقاقًا وطنيًّا".

الوحدة الوطنية

ظلت الوحدة الوطنية من أهم الموضوعات التي ركز -رحمه الله- عليها في كل خطاباته السامية بلا استثناء موليًا إياها أهمية كبرى، فقد حذر -طيب الله ثراه- من السماح بتدخل الغرباء للعبث في الكويت ومقوماته وخصوصياته والسماح بأن تكون بلادنا ساحة لصراعات ومعارك الغير وتصفية حساباتهم محذرًا من عدم استدراج الفتنة البغيضة التي تشق الصف وتنال من الوحدة الوطنية.

وأكد -رحمه الله- أن هناك من يحاول إشاعة العداوة والبغضاء في صفوف المجتمع وإثارة الفتنة بين المواطنين وهو لا يريد لهذا البلد خيرًا بل يعمل لهدم الوحدة الوطنية ويسعى إلى تمزيق المجتمع وجر البلاد إلى هاوية الخراب والدمار.

ودعا -رحمه الله- في أكثر من موضع إلى العمل لتحصين الوطن وحماية مجتمعنا من أسباب الفتن والنزاعات بتعزيز الجبهة الداخلية وتلاحمنا ووقوفنا صفًّا واحدًا متكاتفين، محذرا من العزف على أوتار الطائفية البغيضة أو استغلال النزاعات القبلية والفئوية والعرقية والطبقية.

ومن أبرز ما قاله -طيب الله ثراه- في هذا الصدد: «لقد كانت وحدتنا الوطنية عبر مئات السنين هي الصخرة الصلبة التي تحطمت عليها أطماع الغزاة والمعتدين والسور الواقي لهذه الأرض الطيبة ممن أرادوا بها شرًّا، واليوم ونحن نرى الاضطرابات تعصف بالدول شرقًا وغربًا ونيران الفتن والحروب الأهلية تحرق المجتمعات والشعوب، فإننا أحوج ما نكون لوحدتنا الوطنية التي تحمينا من هذه الكوارث والويلات».

إصلاح الجهاز الإداري

من ضمن التوجيهات السامية التي اشتملت عليها خطاباته -رحمه الله- إصلاح الجهاز الإداري للدولة والارتقاء بأدائه لأنه آلة الإنجاز لتحقيق الإصلاح المنشود من خلال مراجعة منهجية العمل وفلسفته ومراجعة مفاهيم الوظيفة العامة في اتجاه تحسين الخدمات وتسهيل مصالح المواطنين وتسريع دورة العمل وتفعيل الشراكة الإيجابية البناءة مع القطاع الخاص وتشجيع الإبداع والمبادرات لتحقيق الانطلاقة المنشودة.

ودعا الأمير الراحل -طيب الله ثراه- إلى تفعيل الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية التي تتسم بالموضوعية والحرص على المصلحة العامة والبعد عن الشخصانية والأهواء بما يحقق الإصلاح المنشود.

ومن أهم ما قاله -طيب الله ثراه- في هذا الشأن: إن التوجه الأول للجهد الوطني اليوم يجب أن يكون نحو الإصلاح والبناء وتعويض ما فاتنا خلال سنوات التوتر والاحتقان وضياع الجهد والفرص كما يجب التركيز على الحاضر والاستعداد للمستقبل وتجاوز الانغماس في متاهات الجدل العقيم.

ترشيد العمل البرلماني

حرص الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد دائمًا إلى تعزيز مكانة المؤسسة التشريعية وتفعيل دورها الحيوي من خلال ترشيد العمل البرلماني وتصويب ممارساته في الرقابة والتشريع في إطار الدستور واعتبارات المصلحة العامة، و -رحمه الله- كان يعلم أن الشعب الكويتي ينتظر من المجلس رقابة تتسم بالوعي والجدية والموضوعية.

ومن أقواله في هذا الإطار: «رقابة تبتعد عن الكيدية والشخصانية والحسابات السياسية، تعالج الخلل وتحاسب المقصر والمتجاوز وتقضي على مظاهر التسيب والقصور وهذه الرقابة المسؤولة ليست حقًّا دستوريًّا للنائب فحسب بل هي التزام وواجب وطني يستوجب الدعم والمساندة».

سيادة القانون

شدد الأمير الراحل على أن الآونة الأخيرة شهدت أمثلة طيبة للحزم في تطبيق القانون في عدد من قطاعات الدولة أتت ثمارها المفيدة ونتائجها الحميدة، ولطالما دعا -رحمه الله- إلى التوسع في إجراءات تطبيق القانون على الجميع بلا إفراط ولا تفريط.

الأمير الراحل دائمًا ما يحث على ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع كبيرًا كان أو صغيرًا ولهذا قال -طيب الله ثراه- "إن القوانين لم تشرع عبثًا، وإنما شرعت لتحترم، وما وضعت الجزاءات على مخالفتها إلا لتطبق، وإن كلًّا منا مسؤول عن ذلك في بيته وفي عمله وفي وطنه".

وأكد -رحمه الله- أن "القوانين وضعت لبيان الحقوق والواجبات وتحقيق الصالح العام وسيادة القانون تعني المساواة بين الناس وتطبيق أحكامه على الجميع، فعلينا ترسيخ هذا المبدأ، وعلينا أن نغرس الالتزام بالقانون واحترامه في النفوس، وأن يكون مشرّعو القوانين ومنفذوها قدوة حسنة في الالتزام بأحكامها، فبهذا نستطيع أن نحارب الفساد والانحراف والتجاوز على مقدرات الوطن وثوابت المجتمع".

وشدد الأمير الراحل دائمًا على احترام القانون وعدم مخالفته وينبه على مخاطر الخروج على الثوابت الوطنية، والاستقواء بغير القانون، وإثارة أجواء التشنج والتجاذب والتوتر الذي لا طائل منه، وما قد تنتهي إليه هذه الأمور من نتائج لا يمكن لمُخلصٍ أن يتجاهل جسامةَ عواقبها.

وقال -رحمه الله-:" لقد نَبَّهّتُ مرارًا من مخاطر الخروج على الثوابت الوطنية، كما نَبَّهّتُ من مغبةِ الاستقواء بغير القانون، وإثارة أجواء التشنج والتجاذب والتوتر الذي لا طائل منه، وما قد تنتهي إليه هذه الأمور من نتائج لا يمكن لمُخلصٍ أن يتجاهل جسامةَ عواقبها".

حرمة المال العام

أكد الأمير الراحل أن مال الدولة هو مال المواطنين جميعًا وأن العبث بالمال العام أو سرقته كسرقة مال الجار أو العبث به بما يستوجب اتخاذ كل التدابير الجادة لضمان الحفاظ عليه ومنع الاعتداء عليه.

وقال في هذا الشأن: إن للمال العام حرمة وحصانة بل قدسية يجب احترامها وحمايتها.

مكافحة الفساد

وسعيًا للإصلاح الشامل وتطهير البلاد من الفساد فقد أوضح -رحمه الله- أنه تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد وتتمتع بالسلطة الكاملة والمساندة والدعم اللازمين، وأمل -رحمه الله- أن توفق في أداء مهامها وتطهير البلاد ووقايتها من آفة الفساد، ولفت -طيب الله ثراه- إلى أن مكافحة هذه الآفة المدمرة ليست مسؤولية الهيئة وحدها بل هي مسؤولية الجميع، داعيًا المجلس والحكومة وكذلك سائر المواطنين إلى مد يد العون ومساندتها.

ومن قوله في هذا الصدد: «تفعيل إرادة التغيير وتأمين مقوماتها ومتطلباتها بما يؤدي إلى ترجمة وتحقيق الرؤية المنشودة وتلبية الآمال والطموحات المنشودة».

الحفاظ على أمن الوطن

الأمير الراحل بحنكته السياسية نبه مرارًا إلى أن الأوضاع الدولية عمومًا وأوضاع عالمنا العربي ومنطقتنا الخليجية خصوصًا تمر بتطورات ومستجدات في غاية التعقيد.

وأكد -طيب الله ثراه- "إن هذه التطورات تتطلب أن نكون إزاءها من الثبات بحيث لا تجرفنا، ومن المرونة بحيث لا تتجاوزنا، فأعمال العنف والقتل والإرهاب تحصد العديد من الأبرياء وتروع الآمنين، والحروب التي تشن على شعوب مسالمة تحمل معها الدمار والهلاك، ونحن بحاجة إلى تقويـة التعاون الفعال مع الدول الشقيقة والصديقة لما فيه مصلحة دولنا، وتحقيق الأمن والسلام في العالم".

وشدد الأمير الراحل -رحمه الله- على أن الأمن والاستقرار وسيادة القانون والمبادئ التي جسدها الدستور هي الأسس والقواعد التي ترتكز عليها داعيًا الجميع أن يعوا أبعاد الأخطار التي تهدد الأمن ووجوب الحرص على الوحدة الوطنية والمشاركة في حماية أمن الوطن لأنه أمنهم وحماية لأنفسهم وأهلهم وأموالهم.

وأكد -رحمه الله- أن حماية أمن الكويت داخليًّا وخارجيًّا وتأمين الاستقرار وسيادة القانون من أهم أولوياته، فلا تهاون ولا تساهل، وطالب -رحمه الله- بجعل أمن الكويت واستقرارها دائمًا نصب أعينكم، فمن أهم نعم الله على هذا البلد الأمين أن ألّف بين قلوب أبنائه على اختلاف مشاربهم وتنوع أصولهم وتعدد منابعهم.

وأكد -طيب الله ثراه- كذلك أن الولاء للوطن فوق كل ولاء ومصلحة الوطن تتقدم على كل مصلحة، وقال «لن ندخر وسعًا ولن نألو جهدًا أو مالًا في سبيل حماية أمننا الوطني وتعزيز أجهزة الأمن وزيادة قدراتها وكفاءتها، احرصوا على حماية أمن الوطن، وصونوا وحدتنا الوطنية".

التنمية البشرية

يقول الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد "عندما نتحدث عن التنمية فإن التنمية الوطنية الحقة ليست مجرد مبانٍ شاهقة رغم جمالها ولا مجرد أسواق فاخرة رغم فوائدها ولا مجرد طرق ومطارات ومرافق رغم ضرورتها بل التنمية البشرية تنمية المواطن الصالح والإنسان الإيجابي هي الأساس الأهم والأجدى وهي الاصعب منالًا والأعلى قيمة".

وأضاف " ومن هنا فإن رعاية الشباب وتمكينهم تشكل محورًا رئيسا في برنامج العمل الوطني ويستوجب دعم التواصل مع الشباب والاستماع إلى آرائهم وهمومهم وزيادة دورهم ومشاركتهم في إدارة شؤون البلاد وتدريبهم وتأهيلهم وتعزيز قدراتهم على الإنتاج والإبداع والابتكار وخلق مزيد من فرص العمل لهم ودعم إقبالهم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة".

الأمير الراحل أكد أن بناء الإنسان الكويتي في طليعة أولويات ليكون مؤهلًا علميًّا وعمليًّا يملك الكفاءة والمقدرة والخبرة التي تتطلبها أسواق العمل بناء الإنسان الكويتي المؤمن بدينه وبوطنه المتمسك بقيم ومبادئه وتراثه الذي يؤدي واجبه قبل أن يأخذ حقوقه.

ومن أقواله -رحمه الله- في هذا الشأن: «إن التنمية البشرية هي أساس التنمية الشاملة وأدائها وهدفها فالدول والمجتمعات ترتقي وتتقدم بصلاح الإنسان».

الاهتمام بالشباب

الشباب بالنسبة لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد هم اللبنة الأولى لبناء الوطن ونهضته وتقدمه، وهو أولى كل الدعم والتشجيع وكل الرعاية للشباب، وأوصي بمحاورتهم وسماعهم وإشراكهم في الأمر والأخذ بأيديهم وتدريبهم وتأهيلهم لتحمل مسؤولية كويت المستقبل وتسلم الراية.

ومما أسف له ما شاهده من ازدياد لظواهر سلوكية سلبية وشاذة وغريبة على مجتمعاتنا مع القيم الأصيلة التي جبل عليها أهل الكويت والتي بدأت تتفشى خصوصا بين فئة الشباب، داعيًا إلى تكاتف الحكومة والمجلس لمواجهتها وللوقاية منها وللحد من انتشارها والحزم في تطبيق القانون.

وفي هذا الإطار قال -طيب الله ثراه-: «تفعيل دور المدرسة والمسجد والأسرة ونشر التوعية الاجتماعية للحد من هذه الظواهر السلبية وعدم انتشارها في المجتمع».

المحافظة على الثروة النفطية

الثروة النفطية لم تغب عن خطاباته -رحمه الله- فقد دعا الحكومة والمجلس للمحافظة عليها من خلال إصدار التشريعات والقرارات اللازمة التي تحمي هذه الثروة، ويقول -رحمه الله- إن انخفاض أسعار النفط عالميًّا أدى إلى تراجع إيرادات الدولة بحوالي 60٪ ما ولد عجزًا في ميزانية الدولة يثقل كاهلها ويحد من طموحاتنا التنموية.

وقال في هذا الشأن: «إن الثروة النفطية ليست ملكًا لنا فحسب بل هي أيضًا حق للأجيال القادمة وعلينا أن نستغلها الاستغلال الأمثل لضمان استمرار بناء الإنسان الكويتي ونمو اقتصادنا الوطني».

تعزيز المنظومة الخليجية

رائد المصالحة العربية والخليجية الشيخ صباح الأحمد -رحمه الله-، في كل خطاباته كان يؤكد أن أمن الكويت جزء لا يتجزأ من أمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن كل تهديد يستهدف أمن إحدى دول المجلس إنما هو تهديد لأمن الكويت وسائر دول المجلس، نرفضه ونتداعى لدفعه ونتعاون لدحره.

وشدد على أن "مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وما حققته دوله من إنجازات مشهودة ومنزلة رفيعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وانطلاقًا من وحدة الهدف والمصير بينها، وروابط القربى والأخوة، حري بنا أن نتمسك بها، ونعمل على تعزيزها ودفعها لتكون هذه المسيرة المباركة أملًا في الوصول إليها نحو توافق عربي، ينقذ الأمة من عثرتها، ويوقظها من سباتها، ويستعيد عزتها ومنعتها".

و"قد تجسد هذا عمليًّا حين تعرضت الكويت لعدوان غاشم واحتلال آثم عام 1990، كما تأكد هذا جليًّا حين لاحت مؤخرًا نذر الخطر والتهديد لأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة، الذي هو أمن لنا جميعًا، فهبت دول مجلس التعاون بمشاركة فعالة في «عاصفة الحزم» التي أطلقها وقادها بكل شجاعة وإقدام أخونا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حماية لأمن المملكة الشقيقة، ودفاعًا عن الشرعية في اليمن الشقيق، والتي اتسع نطاقها في تحالف داعم للمملكة العربية السعودية الشقيقة".

ومن أقواله -رحمه الله- : «إننا على ثقة بأن أداءنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية يرتفع إلى مستوى الأخطار التي تهدد بلداننا والتحديات التي تواجه شعوبنا وتعزز من قدراتنا وإمكاناتنا الجماعية».

التنمية الاقتصادية (إصلاح الاقتصاد)

التنمية الاقتصادية كانت من أهم ملامح رؤية الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في نهضة البلاد، فطالب -رحمه الله- الحكومة والمجلس "باتخاذ تدابير وإجراءات إصلاحية عاجلة للنهوض بالتنمية الاقتصادية والعمل على تطوير وبناء نشاطات اقتصادية منتجة توفر فرصًا للعمل للشباب وتنوع مصادر الدخل وتقلل اعتماد اقتصادنا على النفط، لا سيما في ظل انخفاض أسعار النفط نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية تعصف بالاقتصاد العالمي ما يلقي بظلالها السلبية على اقتصادنا الوطني".

ومن أهم أقواله في هذا الشأن: «لا بد من المسارعة إلى مباشرة إجراءات جادة وعاجلة لاستكمال جهود الإصلاح الاقتصادي وإنجاز أهدافه والتصدي على نحو فعال لمظاهر الفساد وأسبابه ومعالجة الاختلالات التي تشوب اقتصادنا الوطني».

ترشيد الإنفاق

شعورًا من الأمير الراحل بالمسؤولية تجاه أزمة انخفاض أسعار النفط وتأثيره على عجز الموازنة وتقديرًا منه تقدير الأب فقد أمر -طيب الله ثراه-، بتخفيض مصروفات الديوان الأميري ليكون القدوة الحسنة في ظل الظروف الراهنة، فضلًا على ما تضمنته خطاباته من حث السلطين على سلوك هذا المسلك من أجل العبور إلى بر الأمان ولم يغفل تأكيده أن يكون ذلك من دون المساس بالمواطن البسيط، مع توجيه الدعم لمستحقيه.

فحذر من مخاطر النمط الاستهلاكي في المجتمع وتزايد الإنفاق الحكومي الاستهلاكي الذي لا طائل منه ولا عائد وذلك على حساب مجالات التنمية والاستثمار في الإنسان الكويتي.

ومن أقواله: «إن عليكم مسؤولية منع الهدر في الموارد وترشيد الإنفاق وتوجيه الدعم لمستحقيه من دون المساس بالاحتياجات الأساسية للمواطن أو التأثير على مستوى معيشته».

مكافحة الإرهاب

حذر -رحمه الله- من "مخاطر الإرهاب الأسود والذي وصل إلى الكويت مؤخرًا بالرغم من أن الكويت ظلت بعون الله وفضله دار أمن وأمان، وواحة رخاء واستقرار، ينعم أهلها بالحرية والتراحم، وسط محيط تستعر فيه نيران الحروب الأهلية، والصراعات الطائفية والعرقية، تخوضها جماعات وتنظيمات مسلحة أشاعت الفوضى والإرهاب، ونشرت الخراب والدمار، وتسببت في سقوط مئات آلاف القتلى والمصابين، ونزوح آلاف المشردين من ديارهم".

وشدد -طيب الله ثراه- على أن "وباء الإرهاب وجد طريقه إلينا، واقترف جريمته الشنعاء بتفجيره مسجد الإمام الصادق - رضي الله عنه - وأرضاه في شهر الصيام والقيام، ولم يراعِ لبيوت الله حرمة، ولم تأخذه بالركّع السجود رحمة، وأسقط عشرات القتلى والمصابين، غير أن تلاحم شعبنا فوت الفرصة على من يريد النيل منا، وسطر أروع صور للوحدة الوطنية.

ومن أقوال أيضاً: «إن هذه الجريمة النكراء، والخلايا الإرهابية، ومخازن الأسلحة والمعدات الإرهابية التي كشفتها مؤخرًا العيون الساهرة على أمن الوطن، والتي نسجل لها الشكر والتقدير، تدق عاليًا أجراس الخطر تحذيرًا وإنذارًا، توجب علينا المزيد من اليقظة والانتباه، وأن نجعل أمن الوطن وسلامة المواطنين همنا الأول، وشغلنا الشاغل الذي يتقدم على كل ما سواه».

تطوير التعليم

خبرته -رحمه الله- الطويلة واطلاعه على تاريخ نهضة الأمم والمجتمعات جعلته يؤمن بأن العلم والتعليم هما أساس تقدم الأمم، فمن دونهما تغرق الأوطان في وحل الفقر والجهل والفوضى، ما حدا به أنه دعا إلى أنه " آن الأوان لـعــقـد مـؤتـمـر وطـنـي يـسـاهم فـيه المـعـنـيون والمختصون لوضع الأسس العلمية المناسبة لتطوير التعليم، لبناء جيل من أبناء الكويت محب للوطن، مبدع في عمله، قادر على بناء مستقبله، مؤمن بعمله، متمسك بثوابت أمته".

التخطيط والتنمية

-رحمه الله- أدرك تمامًا أن التخطيط والتنمية هما ضرورة حياة فقد وضعهما في طليعة الأولويات الوطنية، فقال "إن التخطيط والتنمية هما في طليعة أولوياتنا الوطنية التي يجب الاتفاق عليها والعمل على إنجازها فالتخطيط والتنمية هما ضرورة حياة وأساس بناء وضمان مستقبل لأبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة".

دعم المرأة
إقرار الحقوق السياسية الكاملة للمرأة الكويتية ترشيحا وانتخاباً نال تقديره واعتزازه -طيب الله ثراه- لما للمرأة من دور كبير في بناء الوطن ورفعة شأنه، معتبراً -رحمه الله- أن مشاركة المرأة في الترشيح والانتخاب نقلة نوعية كبيرة في مسيرة الكويت الديمقراطية، وهو أمر يبعث على الفخر إذ إن هذه المشاركة تسهم في إثراء مسيرة الكويت الديمقراطية.

واعتبرها -رحمه الله- من الصفحات الوضاءة في تاريخ المسيرة الوطنية وخطوة نحو تعميق المشاركة الشعبية لتمارس المرأة حقها السياسي والدستوري في الانتخاب والترشح.

وقال -طيب الله ثراه- في هذا الشأن "إن بلدنا العزيز ليس بمعزل عما يحدث في العالم من تطورات وتغيرات متلاحقة، ندرك جميعا حجم تأثيراتها على حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولعله من حسن الطالع أن يأتي لقاؤكم هذا وقد تمت نقلة نوعية كبيرة في مسيرتنا الديمقراطية وذلك بإقرار الحقوق السياسية الكاملة للمرأة الكويتية، تحقيقا للرغبة السامية لفقيد الوطن الغالي أميرنا الراحل -طيب الله ثراه -، وتقديرا للدور الكبير الذي لعبته المرأة الكويتية في بناء الوطن ورفعة شأنه ولقد تابعنا بالأمس القريب المشاركة الفعلية للمرأة في الترشيح والانتخاب لعضوية المجلس البلدي وتحقيقها مراكز متقدمة في هذه الانتخابات وهو أمر يبعث على الفخر والاعتزاز حيث إن هذه المشاركة تسهم في إثراء مسيرة بلدنا الديمقراطية وتأصيلها".

"وفي هذا المقام ، أجد أنه لمن دواعي الاعتزاز ، أن أثمن وأنوه بالدور الإيجابي للمرأة الكويتية فيما حققت من مكانة متميزة للحياة العامة على كافة الأصعدة والمجالات وعلى مدى الأجيال المتعاقبة ، وإننا نتطلع إلى قيامها بدور أكبر وأشمل ، واضعة يدها بيد أخيها الرجل ، وبمشاركةً أكثر فعالية في تحمل أعباء التنمية في مختلف القطاعات".

"ويسرني في هذه المناسبة الطيبة أن أتوجه إليكم بأصدق التهاني لفوزكم بالانتخابات النيابية ونيل ثقة المواطنين بكم كما يسرني أن أتقدم بتهنئة خاصة للمرأة الكويتية على هذه النقلة الحضارية بتبوئها وللمرة الأولى في تاريخ الكويت مقعداً مستحقاً تحت قبة البرلمان ".

تصحيح المسار الإعلامي

دعا -رحمه الله- وسائل الإعلام إلى “استمرار مواصلة رسالتها الإعلامية بكل تفانٍ ومسؤولية مع ضرورة انتهاج أسلوب النقد البناء، والطرح العقلاني للقضايا التي تهم الوطن والمواطنين"، وحثها على عدم الإثارة أو التأجيج أو التجريح، مع مراعاة المصلحة العليا للوطن، ووضعها فوق كل اعتبار.

وطالب وسائل الإعلام بأن تكون أمانة الكلمة مصونة، وأمانة النقل والنقد نهج تتبناه، فتبرز الخلل من دون تهويل، وتطرح الحل من دون تضليل وأن تكون وسائل بناء صالحة كما نتمناها دائمًا.

وقال "كلمة أوجهها لوسائل إعلامنا والقائمين عليها... بأن تسمو المصلحة الوطنية العليا، والحفاظ على أمن البلد واستقراره فوق كل مصلحة، فتكون أمانة الكلمة مصانة، وأمانة النقل والنقد نهج تتبناه، فتبرز الخلل من دون تهويل، وتطرح الحل من دون تضليل ... فإن لها دورًا فعالًا في خلق رأي عام مستنير، يسهم في جهود التنمية ويعزز الولاء للوطن، ويرسخ القيم الفاضلة لمجتمعنا، وينشر المحبة بين الناس ويسهم في كسب الأصدقاء وفي مد جسور الأخوة والصداقة بين دولة الكويت والدول الشقيقة والصديقة، وتجنب كل ما يسيء إلى علاقة دولة الكويت مع هذه الدول، ولن نقبل لوسائل إعلامنا إلا أن تكون وسائل بناء صالحة كما نتمناها دائماً".

تنويع مصادر الدخل

وجه الأمير الراحل بضرورة تنويع مصادر الدخل وإعطاء القطاع الخاص دورًا أكبر وعدم وضع العقبات، وإثارة الشبهات من دون دليل أمام تنفيذ مشاريعنا التنموية الكبرى، كي لا تتضاعف تكلفة تنفيذها.

وقال -طيب الله ثراه- "إن علينا تنويع مصادر دخلنا، والتوجه نحو إعطاء القطاع الخاص دورًا أكبر للمساهمة في نهضة وطننا، وعدم وضع العقبات، وإثارة الشبهات من دون دليل أمام تنفيذ مشاريعنا التنموية الكبرى، كي لا تتضاعف تكلفة تنفيذها عن تقدير اعتماداتها المالية التي من شأنها الإضرار باقتصادنا".

وأضاف -رحمه الله- "ولقد كررت مرارًا أهمية الاستفادة من فرص ارتفاع أسعار النفط لبناء اقتصاد متين ومتنوع، وتطوير نشاطات اقتصادية جديدة منتجة، تعتمد على كفاءة وإنتاجية الإنسان الكويتي، وتعزيز قدراته التنافسية، في إطار انطلاقة تنموية مستدامة، وفق برنامج حكومي واضح المعالم".

تعزيز الديمقراطية

قال الأمير الراحل إن الديمقراطية تقترب من تحقيق غاياتها كلما تجسد نكران الذات وتقديم المصلحة العامة على ما عداها وكلما تكرست الممارسة الواعية للواجبات والحقوق والالتزام بأحكام القانون، وإن إيماننا ثابت بالديمقراطية وستظل بإذن الله راسخة الجذور وعلينا جميعا العمل نحو تعزيزها والحفاظ عليها.(أ.غ)

إقرأ أيضا